هناك دائماً أشياء نحبها ويوماً بعد يوم نشعر بأنها تبتعد عنا ، إما بسبب مباشر منا أو بدون سبب وفي لحظة واحد لا نجدها بجوارنا ، فما يتبقى لنا حنيئذاً سوى الأمل ( ويبقى الأمل ) في عودتها مرة أخرى
مذعوراً التفت إلى الوراء وخلال فتحة الباب الكبيرة جلست رأيت كل جزء من أجزائها ؟، تراجعت قليلاً إلى الخارج وقفت عند المسافة التي تفصل البيت عن الحديقة حاولت أن اقاوم حزناً لم يستطع أن يمنع نوباتي العنيفة أن تتخلل كيان جسدي المنهك وعلى وقع دفق الذكريات، فرأيت أشجار الحديقة وقد تشابكت فروعها في إهمال واضح، وتهدلت أغصانها بفوضى لا نظير لها هو الخراب يطالعني من كل الأنحاء والزوايا ولولا عناية (.....)، لما وجدت شيئاً يستحق الذكر الآن. تنهدت محاولاً أخذ القليل من الهواء ...وسمعت صوتها ينطلق من زاوية ما.. لقد أهملت كل شيء من بعدي يا حبيبي ألم تعدني أن تبقي كل ما أحببناه على روعته، وبنفس البهاء الذي كانت عليه؟ ها أنت تكبرين ثانية في خيالي تملئين آفاق الروح وتنشرين الحياة كالنبع فيما حولك، إنها الصحوة التي تحتويني وأشعر بدفقها في أعماقي وجدت الحياة تتدفق من جديد في زوايا كياني المتعب تلاحقت أنفاسي، رفعت يدي إلى أعلى بحركة سريعة ثم فردتهما كطير يتهيأ للانطلاق، وجدتها أمامي وهتفت: ـ ثقي بي يا عزيزتي سيكون كل شيء على ما يرام، لقد انتهى بعدنا الآن ، إننا نقف تحت أشعة شمس جديدة ، تملئين حياتي بكل ما...
أصدقائي .... بالفعل قليلة هي كلمة أحبكم على ما أشعر به نحوكم ....في كل مرة تراوضني فيها نفسي عنكم أجدكم .... تحطمون كل أسوار هذه النفس ....تقول لي أنها تحبني أكثر منكم ... تقول لي ليس فيهم ولا من بينهم من يغار عليكم مثلي ....ليس فيهم ولا من بينهم من يضحي من أجلك مثلي ...!!!! أقف مندهشاً لما أسمع من نفسي وما أجده مغايراً من تصرفات ومعاملة أصدقائي ....همست في أجواء الغرفة التي تحتضنني أنا ونفسي ...وصل إليها صوتي وإخترق سمعها ...يخافون علي أكثر مما أخاف على نفسي ، دائماً أسمع أصواتهم الطيبة في أذني ، بالنصح تارة ، وبالتحذير من الخطر . قدمت بين يديها إعتراف بأني أجد في نفسي أني لا أستحق أن يكون مثل هؤلاء الصفوة من البشر معي ، ماذا أكون حتى أجد من يتبرع لي بدمه عندما كنت في المستشفى ،، ماذا أمثل أنا لهم حتى يهرع أحدهم بسيارته مسرعاً حتى لا ألومه على وقت قد مضى وأنا اقف منتظراً له ، وماذا وماذا وماذا ،، صرخت في وجهة ،، يكفي يكفي وبعد مشادات وصراعات ومد وجزر إنتصر الحب في قلبي على نفسي ،، إنتصر الحب في قلبي على نفسي يامرحي فالآن أشعر بأني بالفعل أستحق مثلاً هؤلاء الأصدقاء ،، نعم نعم أصدقائي ...
جذبتني المفاجأة وأدخلتني في تضاعيف ذلك العالم الذي بدأت مشاعري تتخفف منه شيئاً فشيئاً، لاحت لي صورتها؟، بابتسامتها العذبة المعهودة، ووجهها ذي السمات الطفولية الأخاذة، تركز انتباهي كله في عيني، شدت الصورة كل المشاعر المضطربة وركزتها في خيالي الذي كبر فجأة حتى صار عالماً رحيباً، بدأ عقلي يصحو من غيبوبة طويلة، غيبوبة امتدت عذاباتها القاسية سنوات عدة، لم أفق منها إلا اللحظة، سنوات سقطت جافة صفراء من شجرة العمر التي سقط من أوراقها الكثير وشاخت جراء رحيلها المبكر، وخلال تلك السنوات جفت ينابيع الحياة في أعماقي، واستسلمت روحي لذلك العالم الكابي المخيف، فأوغلت فيه حتى ظننت أني أعيش حلماً مفزعاً، لم يدر بخلدي يوماً أنه سيحدث بهذا العجالة. امتد بصره ثانية نحو الصورة فطفق يحدق في العينين الباسمتين كانتا كتابها المفتوح والذي كنت أقرأه متى شئت وأنى شئت، ترى لماذا وضعت صورتي في هذا المكان وأمام مدخل البيت مباشرة؟ الأكيد أنك تريدين مفاجأتي، كان الباب مفتوحاً وأول ما وقع البصر عليها، هذه شهادة حبك الرائعة نحوها يا عزيزتي، بل هي هديتك الثمينة لهذا البيت الذي سكنته الوحشة منذ وقت طويل، وأعلم أن شبابك ال...
هناك دائماً أشياء نحبها ويوماً بعد يوم نشعر بأنها تبتعد عنا ، إما بسبب مباشر منا أو بدون سبب وفي لحظة واحد لا نجدها بجوارنا ، فما يتبقى لنا حنيئذاً سوى الأمل ( ويبقى الأمل ) في عودتها مرة أخرى
ردحذف