الفئران تموت على صوت الأمل



دخل فأر في منزلي وكان لا يزال على " البلاط " من فتحة إلى جوار " عداد الكهرباء " ويبدو لسبب ما أنه ضل طريق العودة ، وبما أنه لم يجد ماء ولا طعاماً أو حتى مخرج فقد عثرت عليه ميتاً في المطبخ إلى أسفل الحوض .

كنت مهتاً في البداية بلبحث عن المكان الذي دخل منه خاصة أن الشقة محكمة الغلق حتى تأكد لي أن الفتحة الموجودة إلى جوار العداد هي المنفذ المحتمل لدخوله ، ولكنني عدت بعد ذلك لأسأل نفسي ولماذا اختار أن يموت تحت حوض المطبخ ، أم أنا المنية هي التي وافته في هذه المكان ،، ولم أجد لذلك تفسيراً وقتها ...

ولكن الحقيقة التي تبينتها لاحقاً بعد أن سكنت الشقة أن مطبخي مجاور لمطبخ جاري مباشرة وإذا فتح صنبور المياة فإن صوت تدفق الماء في المواسير يكون مسموعاً عندي ، لقد كان الفأر يسمع صوت تدفق الماء من شقة جاري ومات على صوت الماء أمله الأخير الذي كان يبحث عنه ...

الحقيقة أن الأمل هو النبت الذي لا ينبغي للإنسان أن يقتلعه ابداً مهما كانت الظروف ، لابد أن يتعلم أن يعيش كل منا وأن يموت على الأمل ، الأمل في غد أفضل وحياة أرغد ومستقبل أفضل لنا ولأوطاننا ... إن الفطرة التي فطر الله ذلك الفأر الصغير عليها أن يموت على صوت الأمل ...

والقرآن الكريم يقوم " قل يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم " الزمر 53 " ... ورحمة الله تسع كل شئ وتواجه كل المصاعب التي يمكن أن تعترض طريق الإنسان .

انظر معي إلى ذلك الحديث الرائع للرسول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول : ( إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة ، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها ؛ فليغرسها ) .. إنه حتماً يزرع زرعة الأمل لأن الساعة تقوم أمامه ولكن الأمل والإصرار والعمل يحتمان على كل صاحب دين أن يظل يتنفس الأمل ويزفر اليأس حتى آخر نفس ..

كثيرة هي المصاعب التي تجابه الإنسان على مسار حياته وهي جميعاً من باب الإختيار " احسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبل الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين " العنكبوت 2-3 "

وكلها اختبارات لصدق أمل الإنسان في عظمة الله وقدرته فإذا يأس من رحمة الله - لا قدر الله - واستسلم لقهر او رضخ لخوف أو حاجة خسر أمله في الله وخاب ظنه فيه فكان من الخاسرين ، اما إذا وثق في الله وجعل منتهى امله رضى الله مات راضياً مرضياً .. حتى ولو كان على صوت الأمل ..

تعليقات

  1. استدلال جميل لتجذير الأمل في النفوس المؤمنة ، وقد تبيّن لي أنك لاتدون لمجرد التدوين ، داعياً الله تعالى لك بالتوفيق .

    ردحذف
  2. لم احب تشبه الفأر ربما لاني لااحب هذا الحيوان لكن تبقى مدونتك لها تاثيرها خاص في قلبي وعقلي ودائنا اتعلم منها الجديد والجميل جزاك الله خيرا يا عزيزي

    ردحذف
  3. أخي تركي
    =======
    لك جزيل الشكر على كلماتك الرقراقة ،،، والتدوين بالنسبة لي لم ولن يكون مثل الكتابة التي يمكن أن تكون أي شئ ... بل ربما تقول إنها يفوق الإحساس ..

    تحياتي العاطرة

    ردحذف
  4. Ranosh
    ======
    لم استخدم التشبية بالفأر هنا إلا لانه هو الكائن الذي حدث معه هذا الموقف ... ولو كان كائن آخر لكنت ذكرته ...
    تسعدني دائماً كلماتك

    دمتي بكل الود

    ردحذف
  5. هذه المقال كتبتها في مدونتى في سبتمبر 2007 ونشرتها في رسالة جامعة الملك سعود.
    http://ibn-walidal-masry.blogspot.com/2007/09/blog-post.html
    رجاء مرعاة الامانة في النقل
    تحياتى

    ردحذف
  6. كلام رائع

    ردحذف

إرسال تعليق

إننا نشعر بالحب
كما نشعر بدفء دمائنا
ونتنفسه
كما نتنفس الهواء
ونحمله في نفوسنا
كم نحمل أفكارنا

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أصدقائي .... اني أحبكم في الله

ســـؤال ... وجواب

غبت عنكي ... ولم ينقطع الحنين